المدينة التي غرقت Poem by نازك الملائكة

المدينة التي غرقت

وراء السداد التي ضمّدوا جرحها بالحصير
وخلف صفوف الصرائف حيث يعيش الهجير
يسير طريق تدثّر بالطين نحو المدينه
وأطلاها حيث بات يعيش اصفرار السكينه
وكانت تجيش وتزخر ساحاتاتها بالحياة
وكانت تهشّ وتضحك للشمس كلّ صباح
وكانت منازلها المرحات تلاقي القمر
بضحك نوافذها فاستكانت وصاح القدر
وجاء الخراب ومدّد رجليه في أرضها
وأبصر كيف تنوح البيوت على بعضها
لسقف هوى وتداعى وشرفة حبّ صغيره
وأرسل عينيه في نشوة يرمق الأبنيه
وجاء الخراب وسار بهيكله الأسود
ذراعاه تطوي وتمسح حتى وعود الغد
واسنانه الصفر تقضم بابا وتمضغ شرفه
وأقدامه تطأ الورد والعشب من دون رأفه
وسار يرشّ الردى والتأكّل ملء المدينه
يخرّب حيث يحلّ وينشر فيها العفونه
يهبّ الخراب ويضحك نشوان بين الحفر
ويرسل ضحكته العصبّية ملء الفضاء
وتنمو الخشونة حيث يلامس وجه التراب
وتنبت أقدامه طحلبا لزجا وذباب
ويأتي الصباح ويختبىء في مكمن
وتخفيه مستنقعات فساح عن الأعين
وماذا تبقّى سوى الموت والملح في كأسها ؟
ويرسل ضحكته العصبّية ملء الفضاء
فتنفر منه النجوم ويثقل مسّ الهواء
وتنمو الخشونة حيث يلامس وجه التراب
وتنبت أقدامه طحلبا لزجا وذباب
ويأتي الصباح ويختبىء في مكمن
وتخفيه مستنقعات فساح عن الأعين
وتصحو المدينة ظمأى وتبحث عن أمسها
وماذا تبقّى سوى الموت والملح في كأسها ؟

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success