نبا بك دهر بالأفاضل نابي Poem by جبران خليل جبران

نبا بك دهر بالأفاضل نابي {#spc} وبدلت قفرا من خصيب جناب
برغم العلى أن يمسي الصفوة الألى {#spc} بنوا شرفات العز رهن يباب
تولوا فأقوت من أنيس قصورهم{#spc} وباتوا سراة الدهر رغم تراب
أتمضي أباشاد وفي ظن من يرى {#spc} زهورك أن النجم قبلك خابي
عزيز على القوم للذين وددتهم {#spc} وودوك أن تنأى لغير مآب
وأن يبكم الموت الأصم أشدهم على من {#spc}عتا في الأرض فصل خطاب
فتى جامع الأضداد شتى صفاته {#spc}وأغلبها الحسنى بغير غلاب
محام بسحر القول يصبي قضاته {#spc} فما فعله في سامعين طراب
فبيناه غريد إذا هو ضيغم {#spc} زماجره للحق جد غضابا
وكم خلب الألباب منه {#spc}بموقف بليغ حوار أو سديد
رقيق حديث إن يشبه حديثه {#spc} فما الخمر زانتها عقود حباب
يسيل فيروي النفس من غير نشوة {#spc} مسيل نطاف في الغداة عذاب
بما يخصب الأذهان مخضل دره {#spc} كما يخصب القيعان در سحاب
أديب إذا ما در در يراعه {#spc} تبينت أن الفيض فيض عباب
ففي الذهن تهدار الأتي وقد جرى {#spc} على أن ما في العين صحف كتاب
وفي الشعر كم قول له راق سبكه {#spc} أتى الوحي في تنزيله بعجاب
به نصر الوهم الحقيقة نصرة {#spc} تضيء نجوما من فضول ثقاب
فأما المساعي والمروءات والندى {#spc} فلم يدعه منهن غير مجاب
كأن جنى كفيه وقف مقسم {#spc} فكل مرج عائد بنصاب
وما صد عن إسعاده باسط يدا {#spc} ولا رد عن جدواه طارق باب
ولم يك أوفى منه في كل حالة {#spc} لمن يصطفي في محضر وغياب
إذا هو والى فهو أول من يرى{#spc} معينا أخاه حين دفع مصاب
وما كل من صادقتهم بأصادق {#spc} وما كل من صاحبتهم بصحاب
يعف فيعفو عن كثير مؤملا{#spc} له العفو من رب قريب متاب
وما عهده إن محصته حقيقة {#spc} بزيف وما ميثاقه بكذاب
وفي الناس من يحلي لك المر خدعة {#spc} وترجع من جناته بعذاب
تذكرت عهدا خاليا فبكيته {#spc} وهيهات طيب العيس بعد شباب
كأني باستحضاره ناظر إلى {#spc} حلاه ومستاف زكي ملاب
بروحي ذاك العهد كم خطر به {#spc} ركبنا وكان الجد مزج لعاب
وهل من أمور في الحياة عظيمة{#spc} بغير صبا تمت وغير تصابي
زمان قضينا المجد فيه حقوقه {#spc} ولم نله عن لهو ورشف رضاب
محضنا به مصر الهوى لا تشوبه {#spc} شوائب من سؤل لنا وطلاب
وما مصر إلا جنة الأرض سيجت {#spc} بكل بعيد الهم غض إهاب
فداها ولم يكرثه أن جار حكمها {#spc} فذل محاميها وعز محابي
فكم وقفة إذ ذاك والموت دونها {#spc} وقفنا وما نلوي اتقاء عقاب
وكم كرة في الصحف والسوط مرهق {#spc} كررنا وما نرتاض غير صعاب
وكم مجلس مما توخت لنا المنى {#spc} غنمنا به اللذات غنم نهاب
لنا مذهب في العيش والموت تارك {#spc} قشور القضايا آخذ بلباب
يرى فوق حسن النجم وهو محير {#spc} سنى الرجم ينقض انقضاض شهاب
وما هلك أفراد مصر عزيزة {#spc} أما أجل الإنسان منه بقاب
كذا كان إلفي للفقيد ولم يكن{#spc} ليضرب خلف بيننا بحجاب
حفظت له عهدي ولو بان مقتلي {#spc} لدهر به جد المروءة كابي
وما خفت في آن عتابا وإن قسا {#spc} به الناس لكني أخاف عتابي
أبى الله أن ألفى كغيري مولعا {#spc}بخلع أحبائي كخلع ثيابي
فما انا من في كل يوم له هوى {#spc} ولا كل يوم لي جديد صواب
يراني صديقي منه حين إيابه {#spc} بحيث رآني منه حين ذهاب
وما ضاق صدري بالذين وددتهم {#spc} ولا حرجت بالنازلين رحابي
وآنف سعيا في ركاب فكيف بي {#spc} ولي كل حول أخذة بركاب
حرام علينا بالشعر {#spc}إن تقع نسور معاليه وقوع ذباب
وما كبرياء القول حين نفوسنا {#spc} تجاويف أرضفي انتفاخ روابي
وما زعمنا رعي الذمام وشدنا {#spc}بظفر على من في الأمام وناب
زكي لك الإرث العظيم من العلى {#spc} وما ثروة في جنبه بحساب
فكن لأبيك الباذخ القدر مخلفا {#spc} بأكرم ذكرى عن مظنة عاب
وعش نابها بالعلم والفن نابغا {#spc}فخارك موفور وفضلك رابي
ألا إنني أبكي بكاءك فقده {#spc} وما بك من حزن عليه كما بي
قضى لي بهذا الخطب فيمن أحبه {#spc} إله إليه في الخطوب منابي
ففي رحمة المولى أبوك أبو الندى {#spc} وفي عفوه أحرى امرئ بثواب