الليلة الأخيرة Poem by بدر شاكر السياب

الليلة الأخيرة

و في الصباح يا مدينة الضباب
و الشمس أمنيّة مصدور تدير رأسها الثقيل
من خلل السحاب
سيحمل المسافر العليل
ما ترك الداء له من جسمه المذاب
و يهجر الدخان و الحديد
و يهجر الأسفلت و الحجر
لعله يلمح في درام من نهر
يلمح وجه الله فيها وجهه الجديد
في عالم النقود و الخمور و السّهر
**
ربّ صباح بعد شهر بعد ما الطبيب
يراه من يعلم ماذا خبّأ القدر
بألف ألف رائع عجيب
بالحلي و الحجر
باللّعب الخبيئة
يفجأ غيلان بها يا طول ما انتظر
يا طول ما بكى و نام تملأ الدموع
برنّة الأجراس أو بصيحة الذئاب
عوالم الحلم له و تنشر القلوع
يجوب فيها سندباد عالم الخطر
هناك فارس النحاس يرقب العباب
و يشرع السهم ليرمي كل من عبر
**
إن يكتب الله لي العود إلى العراق
فسوف ألثم الثرى أعانق الشجر
أصيح بالبشر
يا أرج الجنّة يا إخوة يا رفاق
ألحسن البصري جاب أرض واق واق
ولندن الحديد و الصّخر
فما رأى أحسن عيشا منه في العراق
ما أطول الليل و أقسى مدية السّهر
صديئة تحزّ عينيّ إلى السّحر
**
و زوجتي لا تطفئ السراج قد يعود
في ظلمة الليل من السّفر
و تشعل النيران في موقدنا برود
هو المساء و هو يهوى الدفء و السّمر
**
و تنطفي مدفأتي فأضرم اللهيب
و أذكر العراق ليت القمر الحبيب
من أفق العراق يرتمي عليّ آه يا قمر
أما لثمت وجه غيلان ؟ أنا الغريب
يكفيه لو لثمت غيلان ؟ أن انتثر
منك ضياء عبر شبّاك الأب الكئيب
ومسّ منه الثّغر و الشّعر
( أحسّ منه أنّ غيلان ( شذى و طيب
من كفّه الليّنة انتشر
عابث شعري صاح آه جاء
أبي و عاد من مدينة الحجر
وشدّ بالرداء
ما أطول الليل و أقسى مدية السّهر
و مدية النوم بلا قمر

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success