أنشودة السلام Poem by نازك الملائكة

أيهــا السـادرونَ فـي ظلمـة الأر ض{#spc} كفـــاكم شــقاوةً وذهــولا
احــملوا نــادمينَ أشــلاء موتـا كـم{#spc} ونوحـوا عـلى القبـور طـويلا
ضمّخوهــا بــالعطر لفّـوا بقايـا هــا{#spc} بزَهْــر الكنــارِ والياسـمينِ
واهتفــوا حولهـا بأنشـودة السـلـــمِ{#spc} ليهنـا فـي القـبر كـلُّ حـزينِ
اجــمعوا الصبيـة الصغـار ليشـدوا {#spc} بلحـــون الصفـــاء والابتســامِ
أنقـذوا الميّتيـن مـن ضجّـة الحـر بِ{#spc} ليستشــعروا جمــال الســلامِ
فيـم هـذا الصـراع يـا أيهـا الأحـ يـاءُ{#spc} فيـم القتـالُ? فيـم الدماءُ
فيـمَ راح الشُـبّانُ فـي زَهْـرة العُمْـ ـرِ{#spc} ضحايـا وفيـمَ هـذا العِـداءُ
أهْـو حـبُّ الـثراءِ? يا عَجَبَ القلـ بِ!{#spc} ومـا قيمـة الـثراء الفـاني
فـي غـدٍ رحلـةٌ فهـل يـدفع الأمـ ـواتُ{#spc} بالمـالِ وحشـةَ الأكفـانِ
كـل حـيّ غـدًا إلـى القـبر مَغْـدَا هُ{#spc} فهــل ثَـمَّ فـي الممـاتِ ثـراءُ
افتحــوا هــذه القبــورَ وهـاتوا{#spc} حدِّثونــا أيــنَ الغِنَـى والرخـاءُ
انظـروا هـا هنا على الشوكِ والرَمْـ ـلِ{#spc} ثـوى الأغنيـاءُ والمُعْدمونـا
أيُّ فَـرْقٍ تـرى وهل غيرُ صمتِ الـ مـوتِ{#spc} فـوق القبـور والراقدينـا
عجبًـا مـا الـذي إذن سـاق هذا الـ كــون{#spc} للمـوتِ والأذى والدَّمَـارِ
فيـم تحـدو الشُـعوبَ أطمـاعُ غـرٍّ{#spc} يتصبَّــى عينيــهِ وهْـجُ النـار
نشـوةُ النَّصْـرِ? يـا لسُـخْرية {#spc}الألـ فـاظِ! يـا لَلأَوهـامِ يـا لَلضَّـلالِ
أيهــا الواهمــونَ حســبكمو وهْـ مًـا {#spc}وهبُّـوا مـن الكَـرَى والخيـالِ
نحـن أَسْـرَى يقودنـا القَـدَرُ الأعـ مــى{#spc} إلـى ليـل عـالمٍ مجـهولِ
ليس منــا مــن يســتطيع فكاكًـا{#spc} ليس منــا غــير الأسـيرِ الـذليلِ
أبــدًا تــأمرُ الليــالي ونمشــي {#spc} ليس يُجْــدي تضــرّعٌ أو بكــاءُ
ليس يخشــى الممـاتُ صولـةَ جبّـا رٍ{#spc} ومـــا يســـتثيرُهُ الضُّعَفــاءُ
هكــذا المـوتُ غـالبٌ أَبَـدَ الـدهْـ ر{#spc} ونحن الصَّرْعَى الضعافُ الحيارَى
ولــه النصْــرُ والفخــارُ علينـا {#spc}فــاندبوا مــا دعوتمـوهُ انتصـارا
أيّهــا العــالمُ المخـرَّبُ قـد أسـ فَـرَتِ{#spc} الحـربُ عـن غلابِ المنايا
شــهدتْ هـذهِ القبـورُ لهـا بـالنـ صْـرِ{#spc} يـا رحمتـا لتلـك الضحايـا
ثـم مـاذا يـا سـاكني العـالم المحـ زونِ? {#spc}مـاذا مـن القتـال جنيتُمْ
وهـل وصلتـم إلـى النجـوم البعيـدا تِ{#spc} وهـل مِـن كـفّ العذابِ نجوتم
هــل تغلَّبتُـمُ عـلى الفقـر والأحـ زانِ{#spc} والسُّــقْمِ أيّهـا الواهمونـا
أنجـــوتم مــن المــآثمِ أم لــم{#spc} يَـــزَلِ العيشُ فتنـــةً ومُجُونــا
أســفًا لـم تـزل كمـا كـانت {#spc}الأنـ فُسُ تحيــا فــي إثمهـا الأبـديِّ
لـم تـزل خـمرةُ الضلال رجاء{#spc} الـ آدمييــنَ فــي الوجــود الشـقيِّ
لـم تـزل فـي الوجـود أغنيـةُ الحز نِ{#spc} يغنّــي بهــا الضعـاف الجيـاعُ
لـم يـزل في الوجود مرضى حَيَارَى{#spc} أبــــدًا تعـــتريهمُ الأوجـــاعُ
كـل شـيء بـاقٍ كمـا كان قبل الـ حــربِ{#spc} غـير الأيتـام والأمـواتِ
غــير ظـلّ مـن الكآبـة والحَـيْـ رةِ{#spc} يمشـي عـلى ضفـاف الحياةِ
هــؤلاء الأيتــامُ بـالأمس كـانوا {#spc}صــورةَ البِشْـر والمـراحِ الجـميلِ
تحـت ظـلّ الآبـاء يقضـون عيشًـا {#spc}مــا دَرَوْا غـير صَفْـوِهِ المعسـول
وأفــاقوا مــن حـلمهم فـإذا الأقـ دارُ{#spc} حـربٌ والكـونُ قتـلٌ ونـارُ
يـا عيـونَ الأطفـال لا تسـألي الدنـ يـا {#spc}عـلام اللَّظَـى? وفيـم الدمارُ
فـي سـبيل المجـدِ المـزيّفِ هذا {#spc}الـ هــولُ لا كـان مجـدُهم لا كانـا
فـي سـبيل النَّصْـرِ الممـوّه عاد الـ عـالم{#spc} الحـلو فـي اللهيـبِ دخانـا
هـؤلاء الصَّـرْعَى على الصخْر والشو كِ{#spc} شـــبابًا وفتيـــةً وكهـــولا
كــيف كـانوا بـالأمسِ آيـةَ رؤيـا {#spc} رَسَـــموها فلــم تعِشَّ طــويلا
أيّهـا الأشـقياءُ فـي الأرض يـا من {#spc}لــم تُمتْهــم قــذائفُ النــيرانِ
عبثًـــا تــأملون أن يرجــع الآ نَ{#spc} أعـــزَّاؤكم إلـــى الأوطــانِ
انظــروا هـا هـم الجـنودُ يعـودو نَ{#spc} فُــرَادَى مهشّــمي الأعضــاءِ
آهِ لـــولا بقيـــةٌ مــن حيــاةٍ لــم {#spc} يُعَــدّوا فـي جملـةِ الأحيـاءِ
عبثًــا يبحــثون فـي هـذه الأنـ قـاضِ {#spc}عـن أهلهـم وعـن مأواهم
عبثًــا يســألون مــا يعلـم العـا بــرُ {#spc}شــيئًا فيــا لنــارِ أسـاهم
كـيف ذاقـوا مـرارة الخيبـة {#spc}السَّـوْ داءِ بعــــــــد الآلامِ والأدواءِ
هـل نَجَـوْا من براثن الموت والأسـ ر{#spc} لكـي يسـقطوا أَسَارَى الشقاءِ
أيّهــا الأشــقياءُ يـا زُمَـر الأحـ يــاءِ{#spc} فـي كـلّ قريـةٍ وصعيـدِ
آنَ أن نســـتعيدَ مــاضيَ حُــبٍّ {#spc}هــو مفتــاحُ حُلْمنــا المفقــودِ
مـا الـذي بيننـا مـن البغض? ماذا {#spc}كــان ســرُّ القتــالِ والأَحقـادِ
أيّهــا النــاقمون نحــن جميعًــا {#spc}شَـرَعٌ فـي أيـدي الخـطوب الشدادِ
نحـن نحيـا فـي عـالم ليس يُـدْرَى {#spc}ســرُّه فهــو غيهــبٌ مجــهولُ
تطلـعُ الشـمسُ كـل يـومٍ فمـا كُنْـ هُ{#spc} سـناها? وفيـم كـان الأفـولُ
مـا الـذي يُطْلـعُ النجـومَ عـلى الكو نِ{#spc} مسـاءً? مـا كنْـهُ هـذا الوجودِ
أيُّ شـيءٍ هـذا الفضـاءُ? وما سر {#spc} دُجَــاهُ? هـل خلفَـهُ مـن حُـدودِ
نحن هل نحن في الوجود سوى الجهـ لِ{#spc} مصُوغًـا فـي صورة الإنسانِ
كـلُّ مـا فـي الأكـوانِ يحكمنـا {#spc}ما ذا إذنْ ســـرُّ ذلــك الطُغيــانِ
فيـم نطغـى? وكيف ننسَى قوى الكونِ{#spc} ومـا فـي الوجـود أضعـف منّـا
ينخَــرُ الـدودُ مـا نَشِـيدُ ولا {#spc}تُـبْـ قــي الــبراكينُ والريـاحُ علينـا
فيــم نقضـي حياتنـا فـي العـداوا تِ {#spc}ونُمْضـي السـنينَ يأسًـا وحزنا
كــيف ننسَـى أَنّـا نعيشُ حيـاة {#spc}الـ وردِ سـرعان مـا يمـوتُ ويَفْنى
لـن تـدومَ الأَيّـامُ لـن يحـفَظَ الدهـ ـــرُ{#spc} كيانًــا لكــائنٍ بَشَــريِّ
فلنَــدَعْ هــذه الضغــائنَ والأحـ قــادَ {#spc}ولنَحْـيَ فـي الـودادِ النقـيِّ