تاج البلاد Poem by أحمد شوقي

تاج البلاد

تاجَ البلادِ، تحية ٌ وسلامُ {#spc}رَدّتك مصرُ، وصحَّت الأَحلامُ
العلمُ والملك الرفيعُ، كلاهما{#spc} لك - يافؤادُ - جلالة ٌ ومقام
فكأَنك المأْمونُ في سُلطانه{#spc} في ظلِّك الأَعلامُ، والأَقلامُ
أَهدَى إليك الغربُ من أَلقابه{#spc} في العلمِ ما تسمو له الأَعلام
من كلِّ مملكة ٍ، وكلِّ جماعة ٍ{#spc} يسعى لك التقديرُ والإعظام
ما هذه الغرفُ الزواهرُ كالضحى{#spc} الشامخاتُ كأَنها الأَعلامُ؟
من كلِّ مرفوعِ العمودِ منَوِّرٍ {#spc} كالصبحِ مُنْصَدِعٌ به الإظلام
تتحطَّم الأُمِّيَّة ُ الكبرى على {#spc} عَرَصاتِه، وتمزَّقُ الأَوهام
هذا البناءُ الفاطِميُّ مَنارة ٌ{#spc} وقواعدٌ لحضارة ٍ ودعام
مهدٌ تهيَّأَ للوليدِ، وأيكة ٌ {#spc} سيرنُّ فيها بلبلٌ وحمام
شرفاته نورُ السبيلِ، وركنه{#spc} للعبقرية ِ منزلٌّ ومقام
وملاعبٌ تجري الحظوظ مع الصِّبا {#spc} في ظلهنَّ، وتوهبُ الأقسام
يمشي بها الفتيانُ، هذا ما له{#spc} نفس تسوِّدهُ، وذاك عصامُ
ألقى أواسيهُ، وطال بركنهِ {#spc}نَفْسٌ من الصِّيدِ الملوكِ كُرام
من آلِ إسماعيلَ، ولا العمَّاتُ قد{#spc} قصَّرن عن كرم، ولا الأعمام
لم يُعْطَ هِمَّتَهم، ولا إحسانَهم {#spc}بان على وادي الملوك هُمام
وبنى فؤادٌ حائطَيْه، يُعِينُه{#spc} شعبٌ عن الغاياتِ ليس يَنام
أنظر أبا الفاروقِ غرسكَ، هل دنتْ {#spc}ثمراتهُ، وبدت له أعلامُ؟
وهلى انثنى الوادي وفي فمه الجَنَى {#spc} وأتى العراقُ مشاطراً والشام؟
في كلِّ عاصمة ٍ وكلِّ مدينة ٍ شبانُ{#spc} مصرَ على المناهل حاموا
كم نستعيرُ الآخرِين وَنَجْتَدِي {#spc}هيهات! ما للعارِيات دَوام
اليومَ يَرْعَى في خمائلِ أَرضِهم {#spc}نشأٌ إلى داعي الرحيلِ قيام
حبٌّ غرستَ براحتيكَ، ولم يزلْ {#spc} يَسقيه من كِلتا يديك غَمام
حتى أنافَ على قوائمِ سوقهِ {#spc} ثمراً تنوءُ وراءه الأكمام
فقريبه للحاضرين وليمة ٌ {#spc} وبعيده للغابرين طعام
عِظة ٌ لفاروقٍ وصالحِ جِيلهِ {#spc} فيما ينيلُ الصبرُ والإقدام
ونموذجٌ تحذو عليه، ولم يزلْ{#spc} بسراتهمْ يتشبَّهُ الأقوام
شيَّدت صرحاً للذخائرِ عالياً {#spc}يأوي الجمالُ إليه والإلهام
رَفٌّ عُيونُ الكُتْبِ فيه طوائفٌ {#spc} وجلائلُ الأسفارِ فيه ركام
إسكندرية ٌ، عاد كنزكِ سالماً {#spc} حتى كأنْ لم يلتهمه ضرامُ
لمَّتهُ من لهبِ الحريق أنامٌ {#spc} بَرْدٌ على ما لامَسَتْ، وسَلام
وأَسَتْ جِراحَتَك القديمة راحة ٌ {#spc} جُرْحُ الزمانِ بعُرْفِها يَلتام
تَهَبُ الطريفَ من الفَخارِ، وربّما {#spc} بَعَثَتْ تَليدَ المجدِ وهْوَ رِمام
أرأيتَ ركنَ العلم كيف يقامُ؟{#spc} أرأيتَ الاستقلالَ كيف يرام؟
العلمُ في سبلِ الحضارة ِ والعلا{#spc} حادٍ لكلِّ جماعة ٍ، وزمام
باني الممالكِ حينَ تنشدُ بانياً {#spc}ومثابة ُ الأوطانِ حينَ تضام
قامت رُبوعُ العلم في الوادي{#spc} فهل للعبقرية ِ والنبوغِ قيام؟
فهما الحياة ُ، وكلُّ دورِ ثقافة{#spc} ٍ أَو دُورِ تعليمٍ هي الأَجسام
ما العلمُ ما لم يَصْنعاه حقيقة ٌ {#spc} للطالبين، ولا البيانُ كلام
يا مهرجانَ العلمِ، حولك فرحة ٌ {#spc} وعليك من آمالِ مصرَ زحام
ما أَشبهتْكَ مواسمُ الوادي، ولا {#spc}أعياده في الدهر، وهي عظام
إلا نهاراً في بشاشة صُبحِه {#spc} قعد البناة ، وقامت الأهرام
وأَطال خوفو من مواكبِ عِزِّه {#spc} فاهتزَّت الرَّبَواتُ، والآكام
يومي بتاجٍ في الحضارة معرقٍ{#spc} تعْنُو الجِباهُ لعِزِّه، والهام
تاجٌ تنقَّلَ في العصورِ معظَّماً {#spc} وتأَلفتْ دُوَلٌ عليه جِسام
لما اضطلعتَ به مَشَى فيه الهدى {#spc} ومراشدُ الدستورِ، والإسلام
سبقتْ مواكبك الربيعَ وحسنه {#spc} فالنيلُ زهوٌ، والضفافُ وسام
الجيزة ُ الفيحاءُ هزَّت منكباً {#spc}سبغ النوالُ عليه والإنعام
لبست زخارفها، ومسَّتْ طيبها {#spc}وتردّدتْ في أَيْكها الأَنغامُ
قد زدتها هرماً يحجُّ فناؤه{#spc} ويُشدُّ للدنيا إليه حِزام
تقفُ القرونُ غداً على درجاتِه{#spc} تُمْلِي الثناءَ، وتكتبُ الأَيام
أَعوامُ جهدٍ في الشبابِ، وراءَها {#spc} من جهد خيرِ كهولة ٍ أعوام
بلغَ البناءُ على يديك تمامهُ {#spc} ولكل ما تبني يداك تمام

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success