! أحق أنهم دفنوا عليا Poem by أحمد شوقي

! أحق أنهم دفنوا عليا

أحقُّ أنهم دفنوا عليَّا {#spc}وحطُّوا في الثرى المرءَ الزكيّا؟
فما تركوا من الأَخلاق سَمْحاً {#spc}على وجه التراب، ولا رضيَّا؟
مضوا بالضاحك الماضي وألقوا{#spc} إلى الحُفَر الخَفيفَ السَّمْهَرِيَّا
فَمَنْ عَوْنُ اللغاتِ على مُلِمٍّ {#spc}أصاب فصيحها والأعجميَّا؟
لقد فقدتْ مصرفها حنيناً {#spc}وبات مكانُه منها خَلِيَّا
ومن ينظرْ يرَ الفسطاطَ تبكي{#spc} بفائضة ٍ من العَبَرَاتِ رِيَّا
أَلم يَمْشِ الثرى قِحَة ً عليها{#spc} وكان رِكابُها نحوَ الثُّرَيّا؟
فنَقَّبَ عن مواضعها عَلِيٌّ {#spc} فجَدَّدَ دارساً، وجَلا خَفِيّا
ولولا جُهْدُهُ احتجَبَتْ رُسوماً{#spc} فلا دمناً تريكَ لا نؤيَّا
تلفَّتَتِ الفنونُ وقد تَوَلَّى {#spc} فلم تجد النصيرَ ولا الوليّا
سَلوا الآثارَ: مَنْ يَغدو يُغالي {#spc} بها، ويروحُ مُحتفِظاً حَفِيَّا؟
ويُنْزِلُها الرُّفوفَ كجوهريٍّ {#spc}يصففُ في خزائنها الحليَّا؟
وما جهلَ العتيقَ الحرَّ منها{#spc} ولا غَبِيَ المُقَلّدَ والدَّعِيَّا
فتى ً عاف المشاربَ من دنايا {#spc}وصان عن القَذَى ماءَ المُحَيَّا
أبيُّ النفسِ في زمنٍ إذا ما{#spc} عَجَمْتَ بنيهِ لم تجِدِ الأَبِيَّا
تعوّدَ أن يراه الناس رأساً{#spc} وليس يرونه الذنبَ الدنيَّا
وَجَدْتُ العلمَ لا يبني نُفُوساً {#spc} ولا يغني عن الأخلاقِ شيَّا
ولم أَر في السلاح أَضلَّ حَدّاً {#spc}مِنَ الأَخلاق إنْ صَحِبَتْ غَوِيَّا
همَا كالسيف، لا تنصفهُ يفسدْ {#spc} عليكَ، وخُذْهُ مُكتمِلاً سَوِيَّا
غديرٌ أَترعَ الأَوطانَ خيراً {#spc}وإن لم تمتلىء منه دويَّا
وقد تأتي الجداولُ في خشوعٍ {#spc}بما قد يعجزُ السَّيلَ الأتيَّا
حياة ُ مُعَلِّمٍ طفِئَتْ، وكانتْ {#spc} سراجاً يعجبُ الساري وضيَّا
سبقتُ القابسين إلى سَناها {#spc} ورحتُ بنورها أحبو صبيَّا
أخذتُ على أريبٍ ألمعيٍّ {#spc}ومَنْ لكَ بالمعلِّم أَلْمَعِيَّا؟
ورب معلِّمٍ تلقاه فظَّا {#spc}غليظ القلبِ أَو فَدْماً غَبيّا
إذا انتدب البنون لها سيوفاً {#spc}من الميلاد ردَّهُمُ عِصيَّا
إذا رشد المعلمُ خلوا وفاقوا{#spc} إلى الحرية کنساقُوا هديَّا
أناروا ظلمة َ الدنيا، وكانوا {#spc} وإن هو ضَلَّ كان السامِريَّا
أرقتُ وما نسيتُ بناتِ يومٍ {#spc}على «المطريّة » کندَفعَتْ بُكيّا
بكَتْ وتأَوَّهَتْ، فَوَهِمْتُ شَرّاً {#spc} وقبلي داخل الوهمُ الذَّكيا
قلبتُ لها الحذيَّ، وكان مني {#spc} ضلالاً أَن قلبتُ لها الحذيَّا
زعمتُ الغيبَ خلفَ لسانِ طيرٍ {#spc} جَهِلْتُ لسانَه فزعَمْتُ غيّا
أصاب الغيبَ عند الطير قومٌ{#spc} وصار البومُ بينهم نَبيّا
إذا غَنّاهمُ وجدوا سَطِيحاً {#spc}على فمه، وأفعى الجرهميَّا
رمى الغربانُ شيخَ تَنُوخَ قبلي{#spc} وراش من الطويل لها دَوِيَّا
نجا من ناجذيْهِ كلُّ لحمٍ {#spc}وغُودِرَ لحمهُنَّ به شَقِيَّا
نَعَسْتُ فما وجدتُ الغَمْضَ حتى {#spc}نَفَضْتُ على المَنَاحَة ِ مُقْلَتَيّا
فقلتُ: نذيرة ٌ وبلاغُ صدق{#spc} وحقٌّ لم يفاجىء مسمعيَّا
ولكنَّ الذي بكتِ البواكي {#spc} خليلٌ عزَّ مصرعه عليَّا
ومَن يُفجَعْ بِحُرٍّ عبقريٍّ {#spc}يجدْ ظلمَ المنيّة ِ عبقريَّا
ومن تَتراخَ مُدَّتُه فيُكثِرْ{#spc} من الأَحبابِ لا يُحْصِي النَّعِيَّا
أخي، أقبلْ عليَّ من المنايا{#spc} وهاتِ حديثك العذبَ الشهيَّا
فلم أَعدِم إذا ما الدُّورُ نامت{#spc} سميراً بالمقابر أَو نَجِيّا
يُذكِّرني الدُّجَى لِدَة ً حَمِيماً {#spc}هنالكَ باتَ، أو خلاًّ وفيَّا
نَشَدْتُكَ بالمنيّة وهْيَ حقٌّ {#spc}أَلم يَكُ زُخْرُفُ الدنيا فَرِيَّا
عَرفْتَ الموتَ معنى ً بعد لفظٍ {#spc} تكَّلمْ، وأكشفِ المعنى الخبيَّا
أتاك من الحياة الموتُ فانظرْ {#spc} أَكنتَ تموت لو لم تُلْفَ حَيَّا؟
وللأشياءِ أضدادٌ إليها {#spc}تصير إذا صَبَرْتَ لها مَليَّا
ومنقلبُ النجومِ إلى سكونِ{#spc} من الدَّوَرانِ يَطويهنّ طيَّا
فخبِّرني عن الماضين؛ إني {#spc}شددتُ الرحلَ أنتظرُ المضيَّا
وصفْ لي منزلاً حملوا إليه{#spc} وما لمحوا الطريقَ ولا المُطِيّا
وكيف أَتى الغنيُّ له فقيراً {#spc} وكيف ثوى الفقير به غنيَّا؟
لقد لَبِسوا له الأَزياءَ شتَّى {#spc}فلم يقبل سوى التَّجريدِ زِيَّا
سواءٌ فيه مَنْ وافى نهاراً {#spc}ومنْ قذف اليهودُ به عشيَّا
ومنْ قطع الحياة صداً وجوعاً {#spc}ومنْ مرتْ به شبعاً وريَّا
ومَيْتٌ ضَجَّتِ الدنيا عليه{#spc} وآخرُ ما تحسنُّ له نعيَّا

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
1 / 4
أحمد شوقي

أحمد شوقي

القاهرة
Close
Error Success