مضى الدهر Poem by أحمد شوقي

مضى الدهر

مضى الدهر بابن إمام اليَمَنْ {#spc}وأودى بزين شبابِ الزمنْ
وباتت بصنعاءَ تبكي السيوفُ {#spc}عليه، وتبكي القنا في عدن
وأَعْوَلَ نجدٌ، وضجَّ الحجازُ{#spc} ومالَ الحسينُ، فعزَّ الحسن
وغصَّتْ مناحاه في الخيام{#spc} وغصَّتْ مآتمه في المدن
ولو أنّ ميتاً مشى للعزاء {#spc} مشى في مآتمه ذو يَزن
فتًى كاسمِه كان سيفَ الإله {#spc} وسيفَ الرسولِ، وسيفَ الوطن
ولقِّبَ بالبدرِ من حسن وما {#spc}البدرُ؟ ما قدرُه؟ وابنُ مَنْ؟
عزاءً جميلاً إمامَ الحِمَى {#spc}وهونْ جليلَ الرزايا يهن
وأَنتَ المُعانُ بإيمانه {#spc} وظنُّك في الله ظنُّ حسن
ولكن متى رقَّ قلبُ القضاء؟ {#spc}ومن أَيْن لِلموتِ عقلٌ يَزِن؟
يجامِلُك العربُ النازحون {#spc} وما العربيَّة ُ إلا وطن
ويجمَعُ قومك بالمسلمين {#spc} عظيمُ الفروضِ وسمحُ السن
وأَنَّ نبيَّهمُ واحدٌ نبيُّ{#spc} الصوابِ، نبيُّ اللَّسَن
ومصرُ التي تجمع المسلمين كما {#spc}اجتمعوا في ظلال الرُّكُن
تعزِّي اليمانينَ في سيفهم {#spc} وتأْخذ حِصَّتَها في الحَزَن
وتَقعُد في مأْتم ابنِ الإمامِ{#spc} وتبكيه بالعَبرات الهُتُن
وتنشر ريحانتي زنبقٍ {#spc}من الشِّعرِ في رَبَواتِ اليمن
تَرِفَّانِ فوقَ رُفاتِ الفقيدِ {#spc} رفيفَ الجنى في أَعالي الغُصُن
قَضَى واجباً، فقضَى دونَه {#spc} فتى ً خالص السر، صافي العلن
تطوَّحَ في لُجَجٍ كالجبال {#spc}عِراضِ الأَواسِي طِوَالِ القُنَن
مشى مشية َ الليثِ، لا في السلاح ولا{#spc} في الدُّروع، ولا في الجُنَن
متى صرتَ يا بحرُ غمدَ السيوفِ {#spc} وكنا عَهدناك غِمدَ السُّفن؟
وكنتَ صوانَ الجمانِ الكريمِ{#spc} فكيف أزيلَ؟ ولمْ لمْ يصن؟
ظفرتَ بجوهرة ٍ فذَّة ٍ {#spc} من الشرف العبقريِّ اليُمُن
فتًى بذَلَ الروحَ دونَ الرِّفاق{#spc} إليكَ، وأَعطى الترابَ البَدن
وهانتْ عليه ملاهي الشبابِ {#spc} ولولا حقوقُ العلا لم تهن
وخاضَك يُنقِذُ أَترابَه {#spc}وكان القضاءُ له قد كَمَن
غدرتَ فتى ً ليس في الغادرين {#spc} وخنتَ امرأ وافياً لم يخن
وما في الشجاعة ِ حَتْفُ الشجاعِ {#spc} ولا مدَّ عمر الجبان الجبن
ولكن إذا حانَ حينُ الفتى {#spc} قَضَى ، ويَعيش إذا لم يَحِن
ألا أيهذا الشريفُ الرضيُّ {#spc}أبو السمراء الرماحِ اللدن
شهيدُ المُروءَة ِ كان البَقِيعُ {#spc} أحقَّ به من تراب اليمن
فهل غَسَّلوه بدمعِ العُفاة ِ{#spc} وفي كلِّ قلبٍ حزينٍ سكن؟
لقد أَغرقَ ابنكَ صرْفُ الزمانِ {#spc} واغرقْتَ أَبناءَه بالمِنن
أَتذكر إذ هو يَطوِي الشهورَ {#spc}وإذ هو كالخشفِ حلوُّ أغنّ؟
وإذ هو حولك حسنُ القصورِ {#spc} وطِيبُ الرياضِ، وصَفْوُ الزمَن؟
بشاشتُه لذَّة ٌ في العيون {#spc} ونَغْمتُه لذَّة ٌ في الأذن؟
يلاعب طرَّتهُ في يديكَ كما {#spc}لاعبَ المهرُ فضل الرسن؟
وإذ هو كالشبل يحكي {#spc}الأسودَ أدلّ بمخلبه وافتتن؟
فشبَّ، فقامَ وراءَ العرينِ يَشُبّ{#spc} الحروبَ، ويُطفِي الفِتَن؟
فما بالُه صار في الهامدين {#spc} وأمسى عفاءً كأنْ لم يكنْ؟
نظَمْتُ الدموعَ رِثاءً له {#spc}وفصَّلْتُها بالأَسَى والشَّجَن

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success