اخترت يوم الهول يوم الوداع Poem by أحمد شوقي

اخترت يوم الهول يوم الوداع

اخترتَ يومَ الهولِ يومَ وداعِ {#spc} ونعاكَ في عَصْفِ الرياحِ الناعي
هتف النُّعاة ُ ضُحى ً، فأَوْصَدَ دونهم {#spc} جُرحُ الرئيسِ منافذَ الأَسماعِ
منْ ماتَ في فزعِ القيامة ِ لم يجدْ {#spc} قدماً تشيِّع أو حفاوة ساعي
ما ضرَّ لو صبَرتْ ركابُك ساعة ً {#spc} كيف الوقوفُ إذا أهاب الداعي ؟
خلِّ الجنئزَ عنك ، لا تحفل بها {#spc} ليس الغرورُ لميِّتٍ بمتاع
سِرْ في لواءِ العبقريّة ِ، وانتظِمْ{#spc} شتَّى المواكب فيهِ والأَتباع
واصعد سماءَ الذكر من أَسبابها {#spc} واظهر بفضلٍ كالنهار مُذاع
فجعَ البيانُ وأهلهُ بمنصوِّر{#spc} لَبِقٍ بوشْيِ الممتِعاتِ صَناع
مَرموقِ أَسبابِ الشبابِ وإن بَدَتْ{#spc} للشيب في الفَودِ الأَحَمِّ رَواعي
تتخيلُ المنظومَ في منثوره{#spc} فتراهُ تحت روائِع الأَسجاع
لم يَجْحَدِ الفُصحَى ، ولم يَهجُم على{#spc} أسلوبها ، أو يزرِ بالأوضاع
لكنْ جرى والعصرَ في مضارها {#spc} شوطاً ، فأحرز غاية َ الإبداع
حرُّ البيانِ ، قديمُه وجديدُه {#spc} كالشمسِ جدّة َ رُقعة ٍ وشُعاعِ
يونانُ لو بيعت بهوميرٍ لما {#spc}خسرتْ - لعمركَ - صفقة المبتاع
يامرسلَ النظراتِ في الدنيا وما {#spc} فيها على ضجرٍ وضيقٍ ذراع
ومُرَقْرِقَ العبراتِ تجري رِقَّة{#spc} ً للعالم الباكي من الأوجاع
مَنْ ضَاقَ بالدنيا فليس حكيمَها {#spc} إتّ الحكيمَ بها رحيبُ الباع
هيَ والزمانُ بأرضهِ وسمائهِ {#spc} في لجَّة ِ الأقدارِ نضو شراع
مَنْ شَذَّ ناداه إليه فردَّهُ{#spc} قَدَرٌ كراعٍ سائقٍ بقطاع
ما خلفهُ إلا مقودٌ طائعٌ {#spc} متلفِّت عن كبرياءِ مطاع
جبارُ ذهنٍ ، أو شديدُ شكيمة ٍ {#spc}يمضي مضيَّ العاجزِ المنصاع
من شوة َ الدنيا إليك فلم تجدْ {#spc}في الملكِ غيرَ معذبين جياع ؟
أَبكل عينٍ فيه أَو وَجْهٍ ترى {#spc} لمحاتِ دمعٍ أَو رسومَ دِماع؟
ما هكذا الدنيا، ولكنْ نُقْلة ٌ{#spc} دمعُ القَريرِ وعَبْرَة ُ المُلتاع
لا الفقرُ بالعبراتِ خصَّ ولا الغنى {#spc}غِيَرُ الحياة ِ لهنّ حُكْمُ مشاع
مازالَ في الكوخِ الوضيعِ بواعثٌ منها{#spc} وفي القصرِ الرفيعِ دَواعِي
في القفرِ حيَّاتٌ يسيِّبها به حاوي{#spc} القضاءِ ، وفي الرياضِ أفاعي
ولَرُبَّ بُؤْسٍ في الحياة ِ مُقنَّعٍ{#spc} أربى على بؤسٍ بغير قناع
يا مصطفى البلغاءِ ، أيّ يراعة ٍ{#spc} فقدوا ؟ وأيّ معلمٍ بيراع ؟
اليومَ أَبصرتَ الحياة َ؛ فقلْ لنا {#spc} : ماذا وراءَ سرابها اللماع ؟
وصِفِ المنونَ؛ فكم قعدْتَ{#spc} ترى لها شبحاً بكلِّ قراوة ويفع
سكن الأحبّة ُ والعدى ، وفرغتَ منْ {#spc} حِقْدِ الخُصوم، ومِنْ هوى الأَشياع
كم غارة ٍ شَنُّوا عليكَ دفعْتَها {#spc} تصِلُ الجهودَ فكُنَّ خيرَ دِفاع
والجهدُ موتٍ في الحياة ِ ثماره {#spc}والجهدُ بعدَ الموتِ غيرُ مضاع
فإذا مضى الجيلُ المرضُ صدوره {#spc}وأتى السليمُ جوانبَ الأضلاع
فافزع إلى الزمن الحكيم؛ فعنده{#spc} نقدٌ تنَّزهَ عن هوى ونزاع
فإذا قضى لك أبتَ من شمِّ {#spc}العلا بثَنِيَّة ٍ بَعدَت على الطَّلاع
وأجلُّ ما فوقَ الترابِ وتحته {#spc} قلمٌ عليه جلالة ُ الإجماع
تلك الأناملُ نام عنهنّ البلى {#spc} عطِّلنَ من قلم أشمَّ شجاع
والجبنُ في قلم البليغِ نظيرهُ{#spc} في السيف مَنْقَصَة ٌ وسوءُ سماع

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success