آية في تسلسل الذكريات Poem by جبران خليل جبران

آية في تسلسل الذكريات

آية في تسلسل الذكريات {#spc} أن تعود الحياة بعد الحياة
ليس في عالم الخلود فناء {#spc} لا ولا الفوات كل الفوات
أكرم العلم حيث كان وفي كل {#spc}مكان في الحي أو في الرفات
وتنزه إن رمت ما هو أبقى {#spc} عن هنات ستنقضي وهنات
قوة العلم أنه ملهم الحسنى {#spc}وحلال أعقد المعضلات
فهو في أقطع الصروف وصول {#spc} وهو في أمنع الظروف مواتي
كل وقت يمجد العلم فيه {#spc} هو لا ريب أسمح الأوقات
رأي هذا الوزير أعلى وفي{#spc} حضرته شاهد جلي الإياة
والهلالي كان أجدر من يجلو{#spc} بنور غياهب الظلمات
يا معيدي موسى إذا ما جلوتم {#spc} وجه ماض لم يخف وجه الآتي
أنظروا حين ترجع العين أدراج {#spc} الليالي تطالع الباقيات
كيف يلقى الإنسان فيها أخاه {#spc} وكأن العهدين في مرآة
قد تقضت من السنين مئات {#spc} ما الذي جد بعد تلك المئات
بين جيل خلا وجيل تلاه {#spc} لم تبدل جواهر الحالات
كان موسى وليد قرطبة{#spc} ينشأ في صعبة من البيئات
فتولى عنها يطوف في الآفاق {#spc} بين الأمصار والفلوات
لم يسعه من البلاد سوى روض {#spc} المعالي ومنبت المكرمات
مصر كهف الأحرار في كل عصر {#spc} وملاذ المروعين الأباة
وإلى ذاك موئل العلم إن لم {#spc} ترحت الأرض بالهدى والهداة
هو غرس آوت فكان{#spc} أفانين تسر النهى من الثمرات
نضجت حكمة الخلائق منها {#spc} في أوان بديعة الزينات
ذات صوغ منمق عربي {#spc} رصعته جوامع الكلمات
حل موسى في مصر من بعد موسى {#spc} وكلا الصاحبين ذو آيات
ذاك وفى باللوح من طورسينين {#spc}وأخزى خزعبلات الطغاة
وتولى هذا إزالة ما أحدث {#spc}في دينه من المبدعات
ذاك أهدى التوراة من لدن الله {#spc}وهذا مثاني التوراة
فاستتمت ما بين موسى وموسى {#spc} شرعة أخلصت من الشبهات
كان في دينه وظل ابن ميمون {#spc} إلى اليوم حامل المشكاة
صولة الريب لم يخفها عليه إنما {#spc} خاف صولة الترهات
فنفى في شروحه لمتون الوحى {#spc} ما رابه بغير افتئات
ومضى في تخير السنن المثلى {#spc} ولم يثنه اعتراض الغلاة
وابن ميمون كان في خطة أخرى {#spc}من الراسخين أهل الحصاة
راجع العقل في الحقائق واستهدى به{#spc} في غياهب المشكلات
سل أولي الذكر في الفرنجة {#spc}عما قبسوا من أحكامه النيرات
وتتبع صنوف ما أثروا {#spc}عنه وما دونوا بشتى اللغات
كان للعرب في دليل الحيارى {#spc} قسطهم من فصوله القيمات
أبرز العلية المجلين {#spc} منهم في مجال العلوم والفلسفات
فدرى الغرب فصلهم حين كانت {#spc} فيه أعلامهم من النكرات
إن في ذلك الكتاب لخوضا {#spc} مطمئنا في أخطر الغمرات
ومزاجا ما بين معنى وحس {#spc} لم يكن إن يرم من الهينات
عجب كل ما تضمن في الله{#spc} وفي كونه وفي الكائنات
في مفاعيل حوله أو مرامي {#spc} طوله أو مقومات الذات
ومعاني هذا الوجود وما في {#spc} كل أجزائه من المعجزات
ومغازي ما قربته من السبل {#spc}وما بعدت من الغايات
نظرات إن حققت فهي في جملتها{#spc} من صوادق النظرات
تلك بالفيلسوف إلمامة عجلى{#spc} أتقضيه حقه هيهات
كيف تروي الأوام والماء يجري {#spc} عببا رشفة من الرشفات
فلنيمم شطر الطبيب وفي الروضة {#spc} ما يجتنى بكل التفات
أي وصف أوفى وأبلغ مما {#spc} قال في وصفه كبير الأساة
قد سمعتم فيه عليا وهل يعرف {#spc}إلا الثقات قدر الثقات
وقديما تجود ابن سناء الملك {#spc}ما صاغ فيه من أبيات
سأعيد المعنى عليكم وإن كانت {#spc} معانيه جد مختلفات
لو شكا دهره الجهالة ما استعصى {#spc}عليه إبراء تلك الشكاة
ولو البدر يستطب إليه {#spc} لشفى ما به من العلات
ما الذي أحدث ابن ميمون في الطب {#spc}وما شأن تلكم المحدثات
لم يقف طبه على الملك الأفضل {#spc}والأرفعين في الطبقات
أنفع العلم ما يوجهه العقل إلى {#spc}البر لا إلى الشهوات
سخر الطب للأنام جميعا {#spc} فتقراه في جميع الجهات
يتوخى قيد الأوابد في باب {#spc} فباب منه وجمع الشتات
ويقر السليم من كل زيف {#spc} بعد لأي في المحو والإثبات
آخذا من تجارب العرب واليونان {#spc} والهود ناجعات الصفات
ومضيفا إلى الثوابت منها {#spc} محكمات الاصول والتجربات
وأماط اللثام عن كل برء {#spc} سره في الجماد أو في النبات
فتقضى جيل فجيل وللداء {#spc} دواء بفضل تلك الدواة
هذه مصر هل ترى يا أبا {#spc}عمران فرق المئين في السنوات
عهدها عهدها كما كان والماضي {#spc} بما بعده وثيق الصلات
لم تكن مخطيء الرجاء بما{#spc} استسلفت من مجد هذه التكرمات
مصر كانت من بدئها وستبقى {#spc} آخر الدهر مبعث العظمات

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success