وداعا أيها الخدن الحبيب Poem by جبران خليل جبران

وداعا أيها الخدن الحبيب {#spc} غدا ميعادنا وغدا قريب
تعاظمني وقد وليت خطب {#spc} بجانبه تضاءلت الخطوب
إذا ما بان أترابي فإني {#spc} لفي أهلي وفي وطني غريب
يخالطني الأولى هم بعد جيلي {#spc}وليس بثوبي الثوب القشيب
لنا حال ألفناها شبابا {#spc} ويجفل من تحولها المشيب
تغشى وجه إبراهيم صرف{#spc} يقال له الردى وهو المغيب
ألم يك في سماء العصر نجما {#spc} فبعد شروقه زمنا غروب
وليس بحائن من لا نراه {#spc}بأعيننا وتبصره القلوب
فتى فيه تعددت المزايا {#spc} فلم يك في الرجال له ضريب
طبيب للعيون به شفاء {#spc} إذا ما الطب أعيي والطبيب
شهدت له خوارق ناطقات {#spc} بما يسطيعه الآسي اللبيب
أديب نسجه من كل لون {#spc} كأروع ما يدبجه أديب
تساوق شعره والنثر حسنا {#spc}فما يختار بينهما الطروب
وفي جد وفي هزل تجلت {#spc}له فطن بها بدع ضروب
يفوز العقل منها بالمجاني {#spc}وفيها ما يفيد وما يطيب
صناع يد له في كل شيء{#spc} يزاوله بها سر عجيب
فما يغريه يخرجه فريا {#spc} وما يرميه من غرض يصيب
نديم إن تنادر بين صحب {#spc} وجدتهم وما فيهم كئيب
سوانحه الحسان يجئن عفوا {#spc} كما تهوى قريحته اللعوب
خفيف الروح نقاد برفق {#spc} يبصر بالعيوب ولا يعيب
يحاكي النطق والحركات مما {#spc} يشذ فليس يفلته غريب
شآمي ومصري صميم {#spc} ونوبي ورومي جنيب
رموز في الظواهر مضحكات {#spc} ويدرك لطف مغزاها الأريب
يروع بما يجيد يدا وفكرا {#spc} وجار أناته طبع غضوب
فذلك أن جوهره سليم {#spc} وليس يضيره عرض يشوب
ومما أكبر الإخوان فيه {#spc} خلائق ليس فيها ما يريب
مناط نظامها حزم وعزم {#spc} ومجلى حسنها كرم وطيب
فأما عن شجاعته فحدث {#spc} وفي الذكرى لسائلها مجيب
قضى في الجيش عهد أليس ينسى {#spc} له من فخره الأوفى نصيب
به مرح أوان الروع حلو {#spc} يثير شجونه الخطر المهيب
يداوي أو يواسي كل شاك {#spc} ولا يعتاقه حدث رهيب
ويؤنس أو يواسي كل شاك {#spc} ولا يعتاقه حدث رهيب
هنالك أطرب الشجعان شعر {#spc} به مزجت زمازمها الحروب
تغرد حافظ وشدا الشدودي {#spc} بما لم يألف الزمن العصيب
وفي صمت المدافع والمنايا {#spc} تهادن قد يغني العندليب
وداعا يا صديقا إن شجانا {#spc} بهجر فهو بالذكرى يؤوب
حياتك جزتها مدا وجزرا {#spc} ومسك في نهايتها اللغوب
قليل ما تواتيك الأماني {#spc} كثير ما تحملك الكروب
وكم فوت فيها طيبات {#spc} يفوز بها المداجي والكذوب
لئن لم تجز في دنياك خيرا {#spc} لربك في السماء هو المشيب