أيها الليل يا أبا البؤس والهو Poem by أبو القاسم الشابي

أيها الليل يا أبا البؤس والهو

أَيُّها الليلُ يا أبا البؤسِ والهَوْ {#spc} لِ يا هيكلَ الحَياةِ الرهيبِ
فيكَ تَجْثو عرائسُ الأمَلِ العذْ {#spc} بِ تُصَلِّي بِصَوتهِ المحبوبِ
فَيُثيرُ النَّشيدُ ذكرى حياةٍ {#spc} حَجَبَتْها غُيومُ دَهْرٍ كئيبِ
وتَرُفُّ الشُّجونُ من حول قلبي {#spc} بسُكونٍ وَهَيْبَةٍ وقُطوبُ
أَنْتَ يا ليلُ أَنْتَ ذرّةٌ صَعَدَتْ لل {#spc} كون من مَوْطِئ الجحيمِ الغَضوبِ
أَيُّها الليلُ أَنْتَ نَغْمٌ شَجيٌّ {#spc} في شفاهِ الدُّهورِ بَيْنَ النَّحيبِ
إنَّ أُنشودة السُّكونِ التي ترتجّ {#spc} في صَدْرِكَ الرَّكودِ الرَّحيبِ
تُسْمِعُ النَّفْسَ في هدوء الأماني {#spc} رَنّةَ الحَقِّ والجمال الخَلوبِ
فَتَصوغُ القلوبُ منها أغاريداً {#spc} تَهُزُّ الحياةَ هزَّ الخُطوبِ
تتلوّى الحياةُ من ألَم البؤْ{#spc} س فتبكي بِلَوْعَةٍ ونَحيبِ
وعلى مَسْمَعيكَ تَنْهلُّ نوحاً {#spc} وعويلاً مُرًّا شجونُ القُلوبِ
فأرى بُرْقُعاً شفيفاً من الأو {#spc} جاعِ يُلقي عليكَ شجوَ الكَئيبِ
وأرى في السُّكونِ أجنحة الجبَّ {#spc} ار مُخْضَلّةً بِدَمعٍ حبيبِ
فَلَكَ الله من فؤادٍ رَحيمٍ {#spc} ولكَ الله من فؤادٍ كئيبِ
يَهْجَعُ الكَونُ في طمأنينةِ العُصْ {#spc} فورِ طِفْلاً بِصَدرِكَ الغِرِّيبِ
وبأحْضانكَ الرَّحيمةِ يستيقظُ في {#spc} نضرة الضَّحوكِ الطَّروبِ
شادياً كالطُّيوبِ بالأملِ العَذْ {#spc} بِ جميلاً كَبَهْجَةِ الشُّؤْبوبِ
يا ظلامَ الحياةِ يا رَوْعة الحُزْ{#spc} نِ ويا مِعْزَفَ التَّعيسِ الغَريبِ
وبقيثارةِ السَّكينةِ في ك {#spc} فَّيْكَ تَنْهَلُّ رَنَّةُ المَكْروبِ
فيكَ تنمو زَنابقُ الحُلُمِ العذْ {#spc} بِ وتَذوي لَدى لَهيبِ الخُطوبِ
خَلْفَ أعماقكَ الكئيبةِ تَنْسا{#spc} بُ ظِلالُ الدُّهورِ ذاتَ قُطوبِ
وبِفَوْديكَ في ضَفائِرِكَ {#spc} السُّودِ تَدُبُّ الأيَّامُ أيَّ دَبيبِ
صاحِ إنَّ الحياةَ أنشودةُ الحُزْ {#spc} نِ فَرَتِّلْ على الحياةِ نَحيبي
إنّ كأسَ الحياةِ مُتْرَعةٌ بالدَّ {#spc} مْعِ فاسكُبْ على الصَّباحِ حَبيبي
إنّ وادي الظَّلامِ يَطْفَحُ بالهَوْ {#spc} لِ فما أبْعَدَ ابتسامَ القُلوبِ
لا يَغُرَّنَّكَ ابتسامُ بَني الأرْ {#spc} ضِ فَخَلْفَ الشُّعاعِ لَذْعُ اللَّهيبِ
أَنْتَ تدري أنَّ الحياةَ قُطو{#spc} بٌ وخُطوبٌ فما حياةُ القُطوبِ
إنَّ في غيبةِ الدُّهورِ تِباعاً {#spc} لِخَطيبٍ يَمُرُّ إثرَ خَطيبِ
سَدَّدَتْ في سكينة الكون للأعما{#spc} قِ نفسي لَحْظاً بعيدَ الرُّسوبِ
نَظْرةٌ مَزَّقَتْ شِعافَ اللَّيالي {#spc} فَرأتْ مُهْجَةَ الظَّلامِ الهَيوبِ
ورأتْ في صميمَها لَوْعَةَ الحُز {#spc} نِ وأصْغَتْ إلى صُراخِ القُلوبِ
لا تُحاوِلْ أنْ تنكرَ الشَّجْوَ إنّي {#spc} قَدْ خَبِرتُ الحياةَ خُبْرَ لَبيبِ
فتبرّمتُ بالسَّكينةِ والضَّجَّةِ {#spc} بل قَدْ كَرِهْتُ فيها نصيبي
كُنْ كَما شاءتِ السَّماءُ كَئيباً {#spc} أيُّ شيءٍ يَسُرُّ نفسَ الأريبِ
أنُفوسُ تموتُ شاخِصةً بالهو {#spc} لِ في ظُلمةِ القُنوط العَصيبِ
أمْ قُلوبٌ مُحِطَّاتٌ على سا {#spc} حلِ لُجِّ الأسى بِمَوجِ الخُطوبِ
إنَّما النّاسُ في الحياةِ طيورُ {#spc} قَدْ رَماها القَضا بِوادٍ رَهيبِ
يَعْصُفُ الهولُ في جوانبه السو{#spc} دِ فَيَقْضي على صَدى العَنْدَليبِ
قَدْ سألتُ الحياةَ عن نغمةِ الفَجْ {#spc} رِ وعن وَجْمة المساء القَطوبِ
فَسمِعْتُ الحياة في هيكل الأحزا {#spc} نِ تشدو بِلَحْنِها المحبوبِ
ما سُكوتُ السَّماءِ إلاَّ وُجومٌ {#spc} ما نشيدُ الصَّباحِ غيرُ نحيبِ
ليسَ في الدَّهرِ طائرٌ يتغنّى{#spc} في ضِفافِ الحياةِ غَيرَ كَئيبِ
خَضَّبَ الاكتئابُ أجنحَة الأيّا {#spc} مِ بالدَّمْعِ والدَّم المَسْكوبِ
وعَجيبٌ أن يفرحَ النْاسُ في كَهْ {#spc} فِ اللَّيالي بِحُزْنِها المَشْبوبِ
كنتُ أرنو إلى الحياةِ بِلَحْظٍ {#spc} باسِمٍ والرَّجاءُ دون لُغوبِ
ذاكَ عَهْدٌ حَسِبْتُهُ بَسْمَةَ ال {#spc} فَجْرِ ولكنّهُ شُعاعُ الغُروبِ
ذاكَ عَهْدٌ كأنَّهُ رَنَّةُ الأفرا {#spc} حِ تَنْسابُ من فَمِ العَنْدَليبِ
خُفِّفَتْ رَيْثَما أصَخْتُ لها بالقَلْ {#spc} بِ حيناً وبُدِّلَتْ بِنَحيبِ
إنَّ خَمْرَ الحياةِ وَرْدِيَّةُ اللَّو{#spc} نِ ولكنَّها سِمامُ القُلوبِ
جَرَفتْ من قَرارةِ القَلْبِ أحلا {#spc} مي إلى اللَّحْدِ جائِراتُ الخُطوبِ
فَتلاشَتْ على تُخومِ الليالي {#spc} وتَهاوتْ إلى الجَحيمِ الغَضوبِ
وثَوى في دُجُنَّةِ النَّفْس وَمْضٌ {#spc} لم يَزَل بَيْنَ جيئَةٍ وذُهوبِ
ذُكْرياتٌ تَميسُ في ظُلْمَةِ النَّفْ {#spc} سِ ضِئالاً كَرائعاتِ المَشيبِ
يا لِقَلْبٍ تَجَرّعَ اللَّوعةَ المُرَّ {#spc} ةَ من جدولِ الزَّمانِ الرَّهيبِ
ومَضَتْ في صَميمِهِ شُعْلَةُ الحُزْ {#spc}نِ فَعَشَّتْهُ من شُعاعِ اللَّهيبِ

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success