الاشباح الثلاثة Poem by إيليا أبو ماضي

الاشباح الثلاثة

روأني النوم وما برحا {#spc} حتى طأطأت له رأسي
أطبقت جفوني فانفتحا {#spc} باب الرؤيا والوسواس
أبصرت كأني في موضع {#spc} ما فيه غير الأرواح
فوقفت بعيدا أتطلّلع{#spc} فلمحت ثلاثة أشباح
ولد يتهادى في العشر {#spc} وفتّى في برد العشرينا
والثالث شيخ في طمر{#spc} ذو جسم يحكي العرجونا
وإذا بالأول يقترب {#spc} مني كالطائر في الوثب
فشعرت كأني أضطرب {#spc} وكأن خطاه على قلبي
يا نفسي ما هذا الفرق؟ {#spc} لا رمح معه ولا نبل
ولماذا الخشية والقلق {#spc} والخلق أحبهم الطفل
وإذا بالطفل يخاطبني {#spc} بكلام لا يتكلّفه
ويمازحني، ويداعبني،{#spc} فكأني شخص يعرفه
((ما بالك منكمشا كمدا؟ {#spc} قم نلعب في فيّ الشجر
ونهزّ الأغصن والعمدا {#spc} ونذود الطير عن الثمر
أو نصنع خيلا من قصب {#spc} أو طيّارات من ورق
ومدّى وسوفا من خشب ونجول {#spc}ونركض في الطرق
أو نأتي بالفحم القاتم {#spc} ونصوّر فوق الأبواب
تنّينا في بحر عائم {#spc} أو ليثا يخطر في غاب
أو كلبا يعدو ، أو حملا يرعى{#spc} ، أو نهرا، أو هضبه
أو ديكا ينقد، أو رجلا {#spc}يمشي ، أو مهرا، أو عربه
أو نجبل ماء وترابا{#spc} ونشيد بيوتا وقبابا
أو نجعل منه أنصابا{#spc} أو نصنع حلوى وكبابا))
مثّلت الطفل ودنياه {#spc} فأحبّت نفسي دنياه
ووددت لو أني إيّاه {#spc} بل خلت كأني إيّاه
فضحكت ولجّ بي الضحك {#spc}حتى استلقيت على ظهري
فاستيقظ في الولد الشك {#spc} فتوقف يعجب من أمري
ويقول: أيا هذا قدكا{#spc} فوحقك ذا الطيش الأكبر
ما تضحك مني بل منكا {#spc}إيّاك أنا لو تتذكر!
وتوارى عني واحتجبا {#spc} كالموجة في عرض النهر
فتضايق قلبي واضطربا {#spc} وارتجّت روحي في صدري

وإذا الشبح الثاني أقبل {#spc} يترّنح مثل المخمور
ألليل على الدنيا مسدل {#spc} وعليه وشاح من نور
معصوب المقلة والدرب {#spc} وعر وكثير الآفات
كسفين ليس لها ربّ {#spc} تجري في بحر الظلمات
ماذا في الأفق ؟فقد وقفا {#spc} يتأمل فيه ويبتسم
هل لاح له وجه عرفا {#spc} أم هزّ جوارحه نغم؟
أم أبصر آلهة الحب {#spc} تدعوه إليها إيماء
لا شيء في الأقف الرحب {#spc} وكأن هناك أشياء
ألطير تغني للزهر {#spc} ويظنّ الطير تساجله
والزهر ترحّب بالفجر{#spc} ويظنّ الزهر تغازله
ونظرت إليه في البّر{#spc} يتمنّى لو خاض البحرا
ونظرت إليه في البحر {#spc} يتمنى لو بلغ البرّا
يتأفّف من بطء الدهر {#spc} والدهر يسير به وثبا
وينام ليحلم بالفجر{#spc} والفجر يضيء له الدربا
ويسائل عن كأس الخمر {#spc} ويائله عنها الناس
في الليل ، وفي وضح الفجر {#spc} والخمرة فيه والكأس
فصيرت ولازمت الصمتا{#spc} حتى دانى الظلّ الظلّ
فأشرت إليه: من أنتا ؟ {#spc} فأجاب: أنا ذاك الطفل
ومضى كالظلّ إذا انتقلا {#spc} وأنا أرجو لو لم يمض
فأعدت لنفسي ما ارتجلا {#spc} متعجّب بعضي من بعضي

ألشمس تزلّ عن الأفق {#spc}كالروح المحتضر الساجي
غمرتها أمواج الغسق {#spc}فتوارت خلف الأمواج
والغيم الأسود يحتشد {#spc} طبقا في الجوّ على طبق
والليل يطول ويطّرد {#spc} والأرض كسار في نفق
وإذا شيخ في صحراء {#spc} كالزورق في عرض البحر
إعياه الصلح مع الماء {#spc} وأضاع الدرب إلى البّر
يمشي في الأرض على مهل{#spc} وعلى حذر، لكن يمشي
كالشاة تساق إلى القتل {#spc} بعصا جبّار ذي بطش
يا شيخ... لماذا لا تقف؟{#spc} دميت رجلاك من الركض
فأجاب بصوت يرتجف {#spc} ألأرض تسير على الأرض!
يا شيخ... رويدا فالبد {#spc} سيضيء الدرب فتستهدي
فأجاب: ويتلوه الفجر{#spc} لكن سيضيء لمن بعدي
أيلذّ لغصن منكسر{#spc} عرّته الريح من الورق
أن يبصر في ضوء القمر{#spc} ما كان عليه على الطرق؟
ما لذّة ميت في الرمس {#spc} بالزّهر الفوّاح العطر
نور لا يشرق في النفس {#spc} كغباء في إذن الحجر
ما استخفت عني الأفلاك {#spc} والشهب، بل استخفى حبّي
لم تملأ دربي الأشواك {#spc} إنّ الأشواك لفي قلبي
يا شيخ: شجاني ما قلتا{#spc} وزرعت بنفسي آلامك
من أنت؟ أجاب: أنا أنتا {#spc} أنا ذاتك تمشي قدّامك
كم أبحث بين الأجرام{#spc} عني وأنقّب في الأرض
أحلامي تطمر أحلامي {#spc} بعضي مدفون في بعضي
لم أبصر ذاتي بالأمس{#spc} في لوح زجاج أو ماء
بل لاحت نفسي في نفسي{#spc} فهي الورئيّة والرائي

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success