قصّة الأميرة و الفتى الذي يكلّم الماء Poem by أحمد عبد المعطي حجازي

قصّة الأميرة و الفتى الذي يكلّم الماء

أعرفها ، و أعرفه
تلك التي مضت ، و لم تقل له الوداع ، لم تشأ
و ذلك الذي على إبائه اتّكأ
يجاهد الحنين يوقفه
كان الحنين يحرفه
فهو أنا و أنت ، و الذين يحفرون تحت حائط سميك
لتصبح الحياه عشّ حبّ
به رغيف واحد ، و طفلة ضحوك
أعرفها ، و أعرفه
أميرة شرقيّة تهوى الغناء
تهواه لا تحترفه
و تعشق اللّيالي الماسيّة الضياء
-صاحبة السمو أقبلت
... و يصبح البهو المليء ضفتين
و تهمس الشفاه كلمتين.. كلمتين
-عشقتها هذا المساء شاعر أنيق
-نعم... فإنّها تضيق بالعشيق
إذا أتى الصباح و هو في ذراعها
و تهمس امرأة
-دولابها يضمّ ألف ثوب
و تهمس امرأه
-و قلبها يضمّ ألف حبّ
-نعم نعم... فانهات أميره لا تكتفي بحب
و يخفت الحديث ثمّ يهتف المضيف
يا أصدقاء
صاحبة السمو تبدأ الغناء
... و يخفت الضياء غير كوّة تنير وجهها
و تبدأ الغناء... ' أوف! '
' قلبي على طفل بجانب الجدار
لا يملك الرغيف
.. و تلهث الأكفّ.. فلتحيا نصيرة الجياع
ثمّ تدور عينها لتلمح الذي أصابه الكلام
و عندما يرفّ نور الشمس تهمس ' الوداع
و في ذراعها عشيقها الجديد
أعرفها ، و أعرفه
لأنّني كنت كثيرا ما اصادفه
على شجيرة المساء ، قابعا بنصف ثوب
يقول للمساء
' يا أيّها الحزن الأثيري الرحيب
يا صاحب الغريب
أنا كلام الأرض.. هل أنصت لي ؟
أنا ملايين العيون... هل نظرت لي ؟
لي مطلب صغير
أن تصبح الحياة عش حب
به رغيف واحد و طفلة ضحوك
... و في ليالي الخوف طالما رأيته يجول في الطريق
يستقبل الفارّين من وجه الظلام
و يوقد الشموع من كلامه الوديع
ففي كلامه ضياء شمعة لا تنطفيء
و يترك اليدين تمشيان بالدعاء
على الرؤوس و الوجوه
و تمسحان ما يسيل من دموع
' الصبح في الطريق
يا أصدقائي! انّني أراه
فلا تخافوا... بعد عام يقبل الضياء
و عندما يمشون تمشي فوق خدّيه الدموع
و يفلت الكلام منه ، يفلت الكلام
' هل يقبل الضياء حقّا بعد عام ؟ '
ذات مساء كان صاحبي يكلّم المساء
فانساب مقطع مع الرياح ثمّ وشوش الأميره
فقرّبت مرآتها و صفّقت
' يا أيّها الغلام
بجانب القصر فتى يخاطب الظلام
اذهب اليه ، قل له سيّدتي تريد أن تكلّمك
و لا تقل _ أميرتي
... ثمّ تهادت نحو شرفة جدرانها زهور
ورددت في الصمت ' أوف
قلبي على طفل بجانب الجدار
لا يملك الرغيف
و أقبل الغلام يسبق الفتى
- أميرتي.. سيّدتي... أتيت به
- ' أهلا و سهلا.... ليلتنا سعيده
ادخل... تفضّل '.. و انقضى المساء
.. و في الصباح ساءلته... ' ما الذي رأيت ؟ '
_ ' سيّدتي.. إنّي رأيت كلّ خير '
' سيّدتي... أنا سعيده! '
قالت له ، و عينها في عينه المسهّده
' أراك قد عشقتنا! '
فلم يردّ صاحبي
قالت له: ' فما الذي تعطيه لي لو أنّنا عشنا معا! ؟
فدمّعا
ثمّ أجابها و صوته منغّم حزين
سيّدتي... أنا فتى فقير
لا أملك الماس و لا الحرير
و أنت في غنى عمّا تضمّ أشهر البحار من لآل
فقلبك الكبير جوهرة
جوهرة نادرة في تاج عصرنا
و لو قضيت عمري الطويل أقطع البحار
و أنشر القلاع
و أبسط الشباك ، أقبض الشباك
لما وجدت مثلها
لكنّني و جدتها هنا
وجدتها لمّا سمعت لحنك المنساب كالخرير
يبكي لطفل نام جائعا
.. فابتسمت قائلة: ' لا أنت شاعر كبير
يا سيّدي أنا بحاجة إلى أمير
إلى أمير
و انسدّ في السكون باب
أعرفها ، أعرفه
تلك التي مضت و لم تقل له الوداع.. لم تشأ
و ذلك الذي على إبائه اتّكأ
يجاهد الحنين يوقفه
كان الحنين يجرفه

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success