دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ Poem by أحمد شوقي

دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ

دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ {#spc}لأَدلَّة الفقهاءِ والأَحبار
مَنْ شَكَّ فيه فنظرة ٌ في صُنْعِه {#spc} تمحو أثيمَ الشكِّ والإنكار
كشف الغطاء عن الطرول وأَشرقت {#spc} منه الطبيعة ُ غيرَ ذاتِ سِتار
شَبَّهْتُها بلقيسَ فوق سريرها {#spc} في نَضْرَة ٍ، ومواكبٍ ، وجواري
أو بابن داوُدٍ وواسعِ مُلكه {#spc} ومعالمٍ للعزّ فيه كبار
هُوجُ الرِّياح خواشعٌ في بابه {#spc} والطيرُ فيه نواكسُ المِنقار
قامت على ضاحي الجنان كأَنها {#spc} رضوانُ يُزجي الخلْد للأَبرار
كم في الخمائل وهي بعض إمائها{#spc} من ذاتِ خلخالٍ ، وذاتِ سوار
وحَسِيرَة ٍ عنها الثيابُ، وبَضَّة ٍ {#spc} في الناعماتِ تجر فضلَ إزار
وضحوك سنٍّ تملأُ الدنيا سنى ً {#spc} وغريقة ٍ في دمعها المِدْرار
ووحيدة ٍ بالنجدِ تشكو وحشة ً {#spc} وكثيرة ِ الأَتراب بالأَغوار
ولقد تمرُّ على الغدير تخاله {#spc} والنَّبْت مرآة ً زهتْ بإطار
حلو التسلْسُل موجُهُ وجريره {#spc} كأَنامل مرَّت على أَوتار
مدّت سواعد مائه وتأَلقت {#spc} فيها الجواهر من حَصى ً وجمار
ينساب في مُخضلَّة ٍ مُبتلَّة ٍ {#spc} منسوجهٍ من سُندُسٍ ونُضار
زهراءَ عَوْنِ العاشقين على الهوى {#spc} مختارة ِ الشعراءِ في آذار
قام الجَليدُ بها وسالَ ، كأنه {#spc} دَمعُ الصبابة ِ بلَّ غضنَ عذار
وترى السماء ضحى ً وفي جنح الدجى {#spc} مُنشقَّة ً من أَنهرِ وبحار
في كلِّ ناحية ٍ سلكتَ ومذهبٍ {#spc} جبلانِ من صخر وماءٍ جاري
من كلِّ مُنهمرِ الجوانبِ والذُّرى {#spc} غَمْرِ الحضيضِ، مُجلَّل بوقار
عقد الضريبُ له عمامة َ فارعٍ {#spc} جَمِّ المهابة ِ من شيوخ نِزَار
ومكذِّبٍ بالجنّ ريع لصوتها {#spc} في الماءِ منحدراً وفي التيار
مَلأَ الفضاءَ على المسامع ضجَّة ً {#spc} فكنما ملأ الجهاتِ ضَواري
وكأَنما طوفانُ نوحٍ ما نرى {#spc} والفلكُ قد مُسِخَتْ حثيثَ قِطار
يجري على مثل الصِّراط ، وتارة{#spc} ما بين هاوية ٍ وجُرْفٍ هاري
جاب الممالكَ حَزْنَها وسهولَها {#spc} وطوى شَعابَ الصرب والبلغار
حتى رمى برحالنا ورجائنا {#spc} في ساحِ مَأْمولٍ عزيز الجار
مَلِكٌ بمفرقه إذا استقبله {#spc} تاجان : تاجٌ هدى ً ، وتاج فخار
سكن الثريّا مستقر جلالِه {#spc} ومشت مكارمُه إلى الأَمصار
فالشرقُ يُسْقى ديمة ً بيمينه {#spc} والغرب تمطره غيوثُ يَسار
ومدائنُ البرَّيْنِ في إعظامه{#spc} وعوالمُ البحْرَينِ في الإكبار
الله أَيّده بآساد الشّرى {#spc}في صورة المُتَدجِّج الجرّار
الصاعدين إلى العدوِّ على الظُّبى {#spc}النازلين على القنا الخطَّار
المشترين الله بالأبناء ، والـ {#spc} ـأ زواج ، والأمول ، والأعمار
القائمين على لواء نبيِّه {#spc} المنزَلين منازلَ الأَنصار
يا عرش قسطنطين َ ، نلت مكانة ً {#spc} لم تُعطَها في سالف الأَعصار
شرِّفتَ بالصِّدّيقِ، والفاروقِ، بل {#spc} بالأقربِ الأدنى من المُختار
حامي الخلافة ِ مجدِها وكِيَانِها {#spc} بالرأي آونة ً وبالبتَّار
تاهَتْ فروقُ على العواصم،وازدَهت {#spc} بجلوسِ أَصْيَد باذِخِ المقدار
جَمِّ الجلالِ، كأَنما كرسيُّه {#spc} جُزءٌ من الكرسي ذي الأَنوار
أخذت على البوسفور زُخرفَها دُجى ً{#spc} وتلألأت كمنازلِ الأقمار
فالبدرُ ينظر من نوافذِ منزل {#spc} والشمس ثمَّ مُطِلُّة ٌ من دار
وكواكبُ الجوزاءِ تخطرُ في الرُّبى {#spc} والنَّسْر مطلعُه من الأَشجار
واسم الخليفة في الجهاتِ منوّر {#spc} تَبدو السبيلُ به ويُهْدَى السَّاري
كتبوه في شُرف القصور ، وطالما {#spc} كتبوه في الأسماع والأبصار
يا واحدَ الإسلام غيرَ مُدافَعٍ {#spc} أَنا في زمانك واحدُ الأَشعار
لي في ثنائك ـ وهو باقٍ خالدٌ ـ {#spc} شعرٌ على الشعرَى المنيعة ِ رازي
أَخلصتُ حبي في الإمام ديانة ً{#spc} وجعلته حتى المماتِ شِعاري
لم أَلتمس عَرَضَ الحياة ِ، وإنما {#spc} أَقرضْتُهُ في الله والمُخْتار
إن الصنيعة لا تكون كريمة ً {#spc} حتى تُقَلِّدَها كريمَ نِجار
والحبُّ ليس بصادق ما لم تمن {#spc} حسنَ التكرُّم فيه والإيثار
والشعر إنجيلٌ إذا استعملتَه {#spc} في نشرِ مكرُمَة ٍ وستر عَوار
وثنيتَ عن كدر الحياضَ عِنانَه {#spc} إنّ الأَديبَ مُسامحٌ ومُدارِي
عند العواهلِ من سياسة دهرهم {#spc} سِرٌّ، وعندك سائرُ الأَسرار
هذا مُقام أنت فيه محمدٌ {#spc} أَعداءُ ذاتك فِرقة ٌ في النار
إن الهلالَ ـ وأنتَ وحدّك كهفهُ {#spc}ـ بين المعاقِل منك والأَسوار
لم يبقَ غيرك مَنْ يقول: أَصونُه {#spc} صُنه بحول الواحدِ القهَّار

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success