و كانت تجمع في خاطري
خيوط ضبابيّة قاتمة
نهاياتها في المدى عائمة
و أعراقها السود في ناظري
...
ذهبت فاستحال بعدك النهار
كأنه الغروب
كأنما سحبت من خيوطه النّضار
...
يا نهر عاد إليك من أبد اللحود و من خواء الهالكين
راعيك في الزمن البعيد يسرح البصر الحزين
في ضفتيك و يسأل الأشجار عندك عن هواه
...
خيول الريح تصهل و المرافىء يلمس الغرب
صواريها بشمس من دم و نوافذ الحانة
تراقص من وراء خصاصها سرج و جمع نفسه الشّرب
بخيط من خيوط الخوف مشدودا إلى قنينة و يمدّ آذانه
...
نافورة من ظلال من أزاهير
و من عصافير
جيكور جيكور يا حقلا من النور
يا جدولا من فراشات نطاردها
...
حملت للنزال سيفك الصديء
يهتز في يد تكاد تحرق السماء
من دمها المتقد المضيء
تريد أن تمزق الهواء
...
لأنّي غريب
لأنّ العراق الحبيب
بعيد و أني هنا في اشتياق
إليه إليها أنادي : عراق
...
و تراجع الطوفان لملم كل أذيال المياه
و تكشفت قمم التلال سفوحها و قرى السهول
أكواخها و بيوتها خرب تناثر في فلاة
عركت نيوب الماء كل سقوفها و مشى الذبول
...
في ليلة كانت شرايينها
فحما و كانت أرضها من لحود
يأكل من أقدامنا طينها
تسعى إلى الماء
...
ما نفضت الندى عن ذرى العشب فيها
ما لثمت الضباب الذي يحتويها
جئتها و الضّحى يزرع الشمس في كل حقل و سطح
مثل أعواد قمح
...